لماذا يعتبر الذكاء الاصطناعي أكثر الأسلحة فاعلية لمحاربة فيروس كورونا؟

يعتبر فيروس كورونا المستجد (COVID-19) واحدًا من أكثر الأمراض المعدية التي أصابت كوكبنا خلال العقود الماضية، وعلى الرغم من أنه ليس الأكثر فتكًا إلا أنه الأكثر انتشارًا، حيث وصل إلى أكثر من 189بلدًا خلال ثلاثة أشهر منذ اكتشاف الفيروس لأول مرة في الصين.

وقد وصل عدد الحالات المصابة المؤكدة حتى اليوم إلى 332,935 حالة، كما أودى بحياة أكثر من 14,510 أشخاص حتى الآن، وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية.

بينما تتدافع الحكومات والمنظمات الصحية لاحتواء انتشار الفيروس، فقد أثبت تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية أنها مفيدة جدًا في تتبع انتشار الفيروس، وتشخيص المرضى، وتطهير المناطق، وتسريع عملية العثور على لقاح فعال.

حتى الآن؛ تُعتبر علوم البيانات، والتعلم الآلي اثنين من أكثر الأسلحة فعالية لدينا في مكافحة انتشار الفيروس، وهما من ساعد الصين في تحجيم انتشار الفيروس في وقت قياسي.

سنستعرض في مقالنا اليوم أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي اعتمدت عليها الدول والمنظمات الصحية في محاربة انتشار فيروس كورونا، وكيف يمكن أن تساعد هذه التقنيات في إيجاد لقاح فعال للفيروس؟

1- تتبع انتشار فيروس كورونا من خلال التعلم الآلي:

قبل نهاية عام 2019؛ أعلنت منصة (BlueDot)، التي تعتمد في عملها على الذكاء الاصطناعي لتتتبع انتشار الأمراض المعدية في جميع أنحاء العالم، وضع علامات على مجموعة من حالات التهاب رئوي غير عادية تحدث حول سوق في مدينة ووهان بالصين.

بعد ذلك بتسعة أيام؛ أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانًا أعلنت فيه اكتشاف فيروس جديد أصيب به شخص في المستشفى في ووهان وقد تسبب له في التهاب رئوي حاد.

تستخدم منصة BlueDot خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي؛ للاطلاع على المعلومات من مئات المصادر للإشارة المبكرة للأوبئة المعدية، والتنبؤ بانتشارها.

تقوم الخوارزمية بمتابعة تقارير الأخبار بجميع اللغات تقريبًا، وشبكات الأمراض الحيوانية والنباتية، وبيانات المناخ من الأقمار الصناعية، والإعلانات الرسمية لإصدار تحذيرات سابقة؛ لتجنب المناطق المعرضة لانتشار الفيروس.

وبمجرد الإعلان عن ظهور فيروس كورونا المستجد؛ تتبعت بيانات تذاكر الطيران العالمية التي يمكن أن تساعد في التنبؤ بمسار تنقل السكان المصابين وتوقيته بعد ذلك. وبالفعل تنبأت بشكل صحيح بأن الفيروس سينتقل من ووهان إلى بانكوك وسيول وتايبيه وطوكيو في الأيام التالية من ظهوره الأول.

توظف الشركة أيضًا عشرات الخبراء المتخصصين في مجموعة من التخصصات من ضمنها: أنظمة المعلومات الجغرافية، والتحليلات المكانية، وتصور البيانات، وعلوم الحاسوب، بالإضافة إلى خبراء طبيين في الأمراض المعدية، والطب الاستوائي، والصحة العامة.

حيث يقوم هؤلاء الخبراء بفلترة البيانات الآلية، وتولي مهمة التحليل الأخير للبيانات؛ ليتحقق علماء الأوبئة من أن الاستنتاجات منطقية من وجهة نظر علمية، ثم تُرسل التقارير إلى الحكومة وقطاع الأعمال والصحة العامة.

2- استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص المصابين بفيروس كورونا:

لماذا يعتبر الذكاء الاصطناعي أكثر الأسلحة فاعلية لمحاربة فيروس كورونا؟

يُستخدم نظام الذكاء الاصطناعي الذي طورته شركة بايدو الصينية كاميرات تعتمد على الرؤية الحاسوبية، وأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء للتنبؤ بدرجات حرارة الأشخاص في المناطق العامة.

ويمكن للنظام فحص ما يصل إلى 200 شخص في الدقيقة الواحدة، واكتشاف درجة حرارتهم في نطاق 0.5 درجة مئوية، حيث يشير النظام إلى أي شخص لديه درجة حرارة أعلى من 37.3 درجة، كما أنه مستخدم الآن في محطة سكة حديد Qinghe ببكين.

طورت شركة Alibaba الصينية أيضًا نظام ذكاء اصطناعي يمكنه الكشف عن الفيروس في التصوير المقطعي المحوسب للصدر.

ووفقًا للباحثين الذين طوروا النظام فإنه يتمتع بدقة 96% في التشخيص، وقد دُرب على بيانات من 5000 حالة مصابة بالفيروس، ويمكنه إجراء الاختبار في 20 ثانية بدلاً من 15 دقيقة يستغرقها خبير بشري لتشخيص المريض.

كما يمكنه تحديد الفرق بين فيروس كورونا المستجد (COVID-19) والالتهاب الرئوي العادي بسرعة، وبحسب ما ورد تعتمد نحو 100 مستشفى في الصين على هذا النظام الآن.

3- الاعتماد على الروبوتات في عمليات التعقيم والتعامل مع المرضى:

تتمثل إحدى الطرق الرئيسية لمنع انتشار فيروس كورونا في تقليل الاتصال بين المرضى المصابين والأشخاص الذين لم يصابوا بالفيروس. ولهذه الغاية بذلت العديد من الشركات والمنظمات جهودًا لأتمتة بعض الإجراءات التي كانت تتطلب من العاملين الصحيين والطاقم الطبي التفاعل مع المرضى.

تستخدم الشركات الصينية الطائرات التي بدون طيار، والروبوتات لتسليم الأشياء بدون تلامس، ولرش المطهرات في المناطق العامة مما يساعد في تقليل خطر العدوى.

تقوم الروبوتات الأخرى بفحص الأشخاص للكشف عن ارتفاع درجات الحرارة، وأعراض COVID-19 الأخرى. كما تقدم الروبوتات الغذاء والدواء للمرضى داخل المستشفيات، وتقوم بتعقيم غرفهم لتفادي الحاجة إلى وجود فريق التمريض، في حين تقوم روبوتات أخرى بطهي الأرز دون إشراف بشري، مما يقلل من عدد الموظفين اللازمين لتشغيل المنشأة.

يستخدم الأطباء في مدينة سياتل الأمريكية الآن روبوتًا للتواصل مع المرضى وعلاجهم عن بُعد؛ لتقليل تعرض الطاقم الطبي للأشخاص المصابين.

4- يساعد الذكاء الاصطناعي في تسريع إيجاد لقاح:

في نهاية المطاف؛ لم تنته الحرب على فيروس كورونا الجديد حتى نطور لقاحًا يمكنه تحصين الجميع ضد الفيروس. لكن تطوير عقاقير وأدوية جديدة عملية طويلة ومكلفة للغاية، حيث يمكن أن تكلف مليارات الدولارات، وتستغرق ما يصل إلى 12 عامًا. وهذا الإطار الزمني لا يتناسب مع استمرار انتشار الفيروس بوتيرة متسارعة.

لحسن الحظ؛ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تسريع العملية. حيث أعلن مختبر DeepMind لأبحاث الذكاء الاصطناعي – الذي استحوذت عليه جوجل في عام 2014  – أنه استخدم التعلم العميق للعثور على معلومات جديدة حول بنية البروتينات المرتبطة بفيروس COVID-19.

يمكن الوصول إلى أدلة مهمة لصيغة لقاح فعال من خلال فهم تراكيب بروتين الفيروس، ويعتبر مختبر DeepMind واحدًا من العديد من المنظمات التي تشارك في السباق لإيجاد لقاح فعال لفيروس كورونا.

كما أعلنت شركة IBM عن مبادرة لزيادة الوصول إلى الحوسبة العالية الأداء، أو ما يُسمى بالحوسبة الفائقة Supercomputers للمجموعات البحثية التي تعمل على إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد.

وقد استخدم الباحثون الحاسب العملاق التابع للشركة المُعروف باسم (سومت Summit)  لفحص 8 آلاف مركب هي أكثر احتمالًا أن ترتبط بالبروتين الرئيسي في فيروس كورونا وتجعله غير قادر على الالتصاق بالخلايا المضيفة في جسم الإنسان، وقد حددوا 77 مركبًا يمكن الآن اختبارها تجريبيًا بهدف تطوير لقاح فعال للفيروس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى