أشار تقرير جديد من (صندوق النقد الدولي) IMF إلى أنه من المتوقع انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 3% خلال هذا العام، وقد يصبح هذا الوضع أسوأ ركود يشهده العالم منذ سنوات “الكساد الكبير” في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث تسببت جائحة فيروس كورونا (COVID-19) في أزمة عالمية لا مثيل لها.
ويعتبر قطاع السفر من بين أكثر القطاعات تضررًا، حيث تعاني شركات الطيران من أضرار بالغة جراء اضطرارها لإلغاء رحلاتها الجوية، بسبب فرض الحكومات حول العالم قيودًا على السفر في محاولة لاحتواء الوباء، كما تأثر قطاع الضيافة بإغلاق الكثير من الفنادق والمعالم والأماكن السياحية في مختلف أنحاء العالم.
وبناءً عليه تأثرت شركة Airbnb لتأجير العقارات بشدة، وهي إحدى أبرز الشركات الناشئة التي ظهرت من وادي السيليكون خلال العقد الماضي، وهذا الوقت حساس جدًا بالنسبة لها، حيث كانت تعتزم Airbnb طرح أسهمها للجمهور هذا العام. ولكن هذا لم يعد ممكنًا بسبب تقلبات سوق الأسهم، والتدهور الناتج عن فيروس كورونا.
كيف يؤثر فيروس كورونا على سوق تأجير العقارات؟
تشير التقارير إلى أن الخسائر مدمرة؛ وفقًا لشركة (AirDNA) المتخصصة في تحليل سوق التأجير عبر الإنترنت: “انخفضت الحجوزات الجديدة على Airbnb بنسبة 85%، ووصلت معدلات الإلغاء إلى 90%، كما انخفضت الإيرادات التي حققتها منصة Airbnb في مارس بنسبة 25% على أساس سنوي”. ومع استمرار الإغلاق الكامل في معظم أنحاء العالم فمن غير المحتمل أن ترتفع هذه الأرقام في أي وقت قريب.
كما أوضح تقرير شركة (GlobalData) – وهي شركة رائدة في مجال البيانات والتحليلات – أن مضيفي Airbnb السابقين انتقلوا إلى عرض عقاراتهم الآن على منصات تأجير طويلة الأجل. فعلى سبيل المثال: في الولايات المتحدة؛ يستخدم المضيفون خدمات مثل: (Kopa) و(Homads). وما يقلق Airbnb هو أن المضيفين قد لا يعودوا إلى الشركة عندما يقل تأثير فيروس كورونا.
يقول (جاك فوربس) الرئيس التنفيذي لشركة Kopa: “إن مواقع التأجير مثل Airbnb لديها متوسط معدل إشغال سنوي يقل عن 50%، في حين تهدف مواقع مثل Kopa إلى معدل إشغال بنسبة 95%. قد يفسر هذا الجاذبية المتزايدة لمواقع الإيجار الطويلة الأجل؛ لأنها توفر مستويات أعلى من الموثوقية والأمان”.
من المفترض أن يكون هذا العام نقطة إنطلاق جديدة لشركة Airbnb، حيث كانت تخطط لطرح أسهمها للجمهور، ولكنه أصبح العام الذي وصلت فيه قيمة الشركة إلى أقل من 30 مليار دولارِِ بعدما كانت تترواح قيمتها في الفترة الأخيرة بين 50 و70 مليار دولارِِ.
ولكن حتى قبل انتشار فيروس كورونا كانت شركة Airbnb تكافح لتحويل الخسائر إلى أرباح، حيث خسرت الشركة نحو 674 مليون دولار العام الماضي.
كما تأثر أصحاب منازل العطلات المتقاعدين أو المستثمرين الذين لديهم سلسلة كبيرة من العقارات المدرجة في قوائم Airbnb، في حين ستفقد الفئة الأولى من المضيفين دخلًا ثانويًا موثوقًا به، فإن الفئة الأخيرة تواجه الآن خسارة مالية كبيرة بسبب فيروس كورونا.
لفهم حجم الأزمة؛ عليك أن تعرف أن Airbnb ليست شركة تأجير عقارات للعطلات فقط، بل تعتبر سلسلة فنادق. في الواقع؛ إنها الكبرى في العالم. فمخزون Airbnb العالمي يضم سبعة ملايين قائمة – تلك القوائم وليس الغرف الفردية – تجعلها أكبر من سلاسل الفنادق العشرة الأولى مجتمعة، التي تحتوي على 5.48 ملايين غرفة ضيوف.
ولكن المشكلة أن العديد من هذه القوائم هي أيضًا عقارات للإيجار تديرها شركات تحصل على قروض لتأمين عدد من العقارات على المدى الطويل، مع العلم أنه يمكنهم الحصول على أسعار أعلى بشكل كبير من خلال تأجيرها من الباطن من خلال Booking.com، وAirbnb، وغيرها من المنصات على الإنترنت.
وفي حالة مع عدم وجود ضيوف، لا يوجد أحد لدفع الإيجار. وبذلك تصبح هذه الشركات أمام التزامات مالية ضخمة، بما فيها فواتير الإيجار والرهون العقارية التي تحتاج إلى السداد.
يقول متحدث باسم Airbnb: “إن الغالبية العظمى من المضيفين على المنصة يدرجون منازلهم الخاصة”. ولكن البيانات تشير إلى خلاف ذلك؛ ومع رفض Airbnb فتح منصتها للتدقيق فقد يدل ذلك على أن هناك الكثير من شركات العقارات تدرج عقاراتها للإيجار عبر المنصة.
وقد أصبح الأمر أكثر وضوحًا عندما لجأ المضيفون في المدن في جميع أنحاء العالم إلى إدارج عقاراتهم في مواقع التأجير الطويلة المدى.
وفقًا لبيانات شركة (GlobalData)، يقوم عدد متزايد من مضيفي Airbnb بحذف قوائمهم، ونقل ممتلكاتهم إلى منصات شهرية أقل ربحًا، ولكن من المحتمل أن تكون أكثر موثوقية، حيث شهدت منصة Homads – وهي شركة ناشئة لقوائم الإيجار الشهرية – زيادة بنسبة 500% على أساس شهري في زيارات الموقع في منتصف مارس.
كما شهدت منصة (Kopa) – المتخصصة أيضًا في الإيجارات الشهرية – زيادة بمقدار عشرة أضعاف في المضيفين والقوائم على منصتها.
ما هي الإجراءات التي تتخذها Airbnb للتغلب على الأزمة، وهل ستنجح؟
أدت جائحة فيروس كورونا إلى تسريع التغيير في العديد من الشركات، ومن غير المرجح أن تكون Airbnb استثناءً.
أعلنت شركة Airbnb يوم 30 مارس الماضي أنها ستدفع 250 مليون دولارِِ كتعويضات للمضيفين بسبب إلغاء الحجوزات، فعندما يقوم النزيل بإلغاء حجز الإقامة بسبب ظروف تتعلق بفيروس كورونا للحجوزات، التي كانت مقررة بين 14 مارس و 31 مايو، فسوف تدفع الشركة 25% من قيمة الحجز للمضيف بناءً على سياسات الإلغاء الخاصة بها، وسيبدأ سداد هذه المدفوعات خلال شهر أبريل الجاري.
ومع ذلك لجأ المئات من مضيفي Airbnb إلى إنشاء مجموعات عبر الإنترنت للشكوى من أنهم لم يتلقوا حتى الآن أي مدفوعات من صندوق إغاثة فيروس كورونا الذي أعلنت عنه الشركة الشهر الماضي.
ومن بين القلة النادرة التي تلقت بعض الأموال، يشكو البعض من أن سياسة Airbnb في تقديم نسبة 25%، مما كانوا سيحصلون عليه عادةً بموجب سياسات الإلغاء الخاصة بهم، غير كافية أثناء الأزمة، حيث إنهم يتلقون مدفوعات بعشرات أو مئات الدولارات لتغطية خسائر بالآلاف.
للتغلب على أزمتها، جمعت Airbnb مليار دولارِِ من التمويل – مع معدل فائدة مرتفع يزيد عن 10% – ليصبح لديها مليار دولار إضافي من الديون الكبيرة. كما غيرت Airbnb طريقة عرضها بمهارة، حيث تعزز صفحتها الرئيسية بشكل بارز بعروض “الإقامات الشهرية”.
ولكن هل هذه الخطوات كافية في الوضع الحالي، مع تزايد غضب المضيفين، وتراكم الديون؟