يعمل مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، وبشراكات إستراتيجية مع مؤسسات بحث عالمية، على تطوير طرق مبتكرة للإنتاج الزراعي وتحلية المياه من خلال الطاقة الشمسية، وذلك من خلال تطوير منظومة متكاملة من حلول الاستدامة في الموارد الطبيعية.
وقد أجرى فريق من المهندسين في موقع الأبحاث المتخصص التابع لشركة (مارلين) العالمية، أحد أهم مشاريع الشراكة القائمة في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، أبحاثًا على مدار العامين الماضيين، نتج عنها إنشاء (مارلين أجروتانيل) Merlin Agrotunnel، وهي عبارة عن مزرعة داخلية منتجة بارتفاع قياسي وبمساحة 150 مترًا مربعًا، يمكن لها أن تنتج أكثر من طن واحد من الخضروات العضوية والفاكهة شهرياً، بتوفير ما مقداره 90 ٪ تقريبًا من استهلاك المياه مقارنة بالزراعة التقليدية من خلال اعتمادها على تقنية (أكوابونيك)، بالإضافة إلى إمكانية إنتاج الأسماك الطازجة، كما يمكن لهذا النظام الزراعي أن يعمل في أي بيئة كانت، حتى وسط الصحراء، إذ يعمل بتقنيات تبريد متطورة يمكنها الاعتماد على الطاقة الشمسية، التي بدورها تقوم بتحلية المياه المالحة أو استخراج المياه من رطوبة الهواء.
ويمكن لهذه المزارع أن تنشأ لأغراض تجارية، أو يمكن إعداد وحدة منها في الأحياء السكنية لتوفير منتجات عضوية طازجة للعديد من الأسر يوميًا، وتكنولوجيا الزراعة العمودية بدون تربة يمكن الزراعة من خلالها بشكل رأسي داخل مزارع مغلقة، مما يوفر المساحة المزروعة، بالإضافة إلى التحكم في كمية المياه، وتستخدم تلك المزارع ضوءًا اصطناعياً كبديل لأشعة الشمس اللازمة لنمو النباتات.
هذا ويركز هذا المشروع البحثي الكبير والفريد من نوعه على المستوى العالمي على تحديد الطرق المبتكرة وتطويرها من أجل مستقبل مستدام من خلال التركيز على قضايا أساسية، وهي: الغذاء والماء والسكن، إذ تقدم العديد من الحلول التقنية للاستفادة من الموارد الطبيعية، كالزراعة المبتكرة (الأفقية والمائية والهوائية)، أجهزة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية.
وتأتي مبادرات ومشاريع مجمع الشارقة للابتكار ترجمةً وتماشيًا مع الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي التي تهدف إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، بهدف تطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء، من خلال تفعيل المبادرات لتعزيز قدرات البحث والتطوير في مجال الغذاء وتسهيل إجراءات ممارسة الأعمال ضمن قطاع الإنتاج الزراعي، ودعم نظم التمويل للنشاطات الزراعية والغذائية.
وأكد حسين المحمودي الرئيس التنفيذي في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار على أهمية تبني ودعم كافة البحوث والابتكارات الرامية إلى إيجاد حلول تكنولوجية متطورة للزراعة، وتطويرها لتكون الملاذ الآمن للاكتفاء الذاتي لأفراد المجتمع، وخاصة في حالات الطوارئ والأزمات التي يشهدها العالم، ويعتبر تطوير المنظومة الزراعية بالتقنيات الحديثة أحد الركائز الأساسية في إستراتيجية الإمارات الرامية نحو إيجاد حلول لمشكلات الزراعة وإنتاج الغذاء.
وترجمة لهذه الإستراتيجية انطلق مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار نحو العالمية لاستقطاب كبرى الشركات، وكبرى المراكز؛ من أجل تطوير تقنيات متقدمة لتعزيز إنتاجنا الزراعي والغذائي، والعمل على إيجاد حلول مبتكرة تتناسب مع بيئة المنطقة وطبيعتها.
وإذ نعمل على استقطاب المؤسسات البحثية المتخصصة من كافة أنحاء العالم للاستثمار في توظيف التكنولوجيا المتقدمة في تطوير أفكار مبتكرة، وإيجاد حلول واقعية للإنتاج الزراعي المستدام.
وأضاف المحمودي: “يسعى مجمع الشارقة للبحوث إلى تعزيز سبل تكنولوجيا الزراعة والغذاء بشكل يلائم طبيعة مناخ المنطقة، ويلبي احتياجاتها المتزايدة من الغذاء، لترسم بذلك تكنولوجيا الزراعة والغذاء خارطة طريق الأمن الغذائي خلال المرحلة المقبلة، وإذ نوجه الدعوة لأصحاب المزارع والمهتمين في هذا القطاع الحيوي كافة، من أفراد ومؤسسات، للاستفادة من هذه التكنولوجيا الحديثة من خلال التواصل مع المجمع للتعاون والعمل على نشر هذه التكنولوجيا الزراعية المتطورة وتطبيقها، سواء في مزارعهم الخاصة، أو حتى في المنازل لمن تتوفر لديه مساحة من الأرض”.
كما يعتبر هذا المشروع فرصة مميزة للمستثمرين في قطاع تكنولوجيا الاستدامة للتعرف على البيئة البحثية التي يوفرها المجمع لهذا النوع من الاستثمارات.
الزراعة المستدامة:
يقدم موقع الأبحاث، المتخصص بتطوير تقنيات الاستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية، حلولًا تقنية مبتكرة للزراعة عبر استخدام البنية التحتية في الأماكن الحضرية القائمة، مثل الشرفات والمنازل والمدرجات، ومن هذه التقنيات (مزرعة البرج) (نظام زراعي هوائي عمودي)، وتقنية المزرعة الأفقية (نظام زراعة داخلي قابل للتكديس وقائم على المياه).
إذ يعمل المشروع على تقديم مفهوم جديد للزراعة المستدامة من خلال ممارسة الزراعة باستخدام مبادئ علم البيئة، وهي دراسة العلاقات بين الكائنات الحية وبيئتها، التي تُعرف كذلك بأنها نظام متكامل من الممارسات الإنتاجية النباتية والحيوانية التي لها تطبيقات ميدانية خاصة تستمر على مدار فترة طويلة، لتحقيق الاستخدام الأمثل للطاقة غير المتجددة، والموارد الموجودة في الحقول، وتحقيق التكامل بين أساليب المكافحة الأحيائية والدورات الأحيائية الطبيعية، كلما أمكن، والحفاظ على قابلية اقتصاد الحقول للاستمرار وتحسين نوعية حياة المزارعين والمجتمع ككل.
المياه المستدامة:
أحد أهم المجالات البحثية في موقع أبحاث التقنيات المستدامة في المجمع، مشروع المياه المستدامة، وهو عبارة عن نظام محاكاة للأمطار من خلال محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تقدر بعشرة أضعاف كمية الماء النقي المقطّر في المتر المربع خلال اليوم الواحد من أي مصدر للمياه (مياه البحر والمياه الجوفية وما إلى ذلك) مقارنة بطرق التقطير الشمسية التقليدية، وتقوم الفكرة على إعادة هندسة التقطير الشمسي، التي تعتبر أساس التقنية التي عرفها البشر منذ آلاف السنين.
ويتبنى مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار إستراتيجية الاعتماد على البحث العلمي والابتكار لتحقيق الاستدامة في المصادر الطبيعية الداعمة لمشاريع التنمية الشاملة من خلال العديد من المبادرات على أرض الواقع، كتأسيس شراكات إستراتيجية مع مراكز البحث العلمي محليًا وعالميًا، لتحقيق أهداف المجمع الرامية نحو ترسيخ ثقافة البحث العلمي كوسيلة للتطوير والاستدامة، كما أن هذا الإقبال على المجمع من قِبل مثل هذا النوع من الشركات البحثية العالمية يعكس ثقة المستثمرين والشركات الدولية والإقليمية باتخاذ المجمع مقراً لأعمالهم.