في مطلع مارس الجاري، وبالتزامن مع أحداث انتشار فيروس كورونا، رفعت العديد من الشركات العالمية في عاصمة التكنولوجيا وادي السيليكون، مثل جوجل وآبل ومايكروسوفت، وآي بي إم وفيسبوك وتويتر، ولينكدإن وإتش بي وإنتل، نسب العمل عن بعد إلى 100%، وهذا يعني أن جميع العاملين بهذه الشركات سوف يعملون من المنزل دون الذهاب إلى مكاتب العمل الخاصة بهم.
أما على مستوى العالم العربي، فكانت دول الخليج أكثر استجابة لتطبيق هذا النظام، إذ أعلنت حكومة الإمارات عن تفعيل نظام العمل عن بعد لبعض الفئات من الموظفين في الجهات الاتحادية لمدة أسبوعين. وفي المملكة العربية السعودية علّقت مؤسسة النقد العربي السعودي الحضور إلى مقراتها، واكتفت بالعمل عن بعد للمؤسسات المالية التي تقع تحت إشرافها.
إذًا.. ما هو العمل عن بعد؟
هو نموذج عمل يمنح العاملين حرية العمل من أي مكان دون التقيد بمقر الشركة، ويناسب عادة الشركات التقنية وغيرها من مجالات العمل الرقمية، التي لا تحتاج إلى حضور الموظف ذاتيًا إلى مقر الشركة، مثل: البرمجة، والتصميم، وكتابة المحتوى، والتسويق، والإدارة وخدمة العملاء عبر الإنترنت.
لا يتطلب نظام العمل عن بعد سوى توافر جهاز حاسوب وشبكة إنترنت مستقرة، حيث يتم التواصل ومتابعة المهام بين فرق العمل عبر الإنترنت باستخدام أدوات مخصصة لذلك. يتمتع الموظف في نظام العمل عن بعد بكل مميزات الوظيفة الثابتة من راتب شهري وإجازات وغير ذلك، كما يلتزم بساعات العمل الوظيفية المتفق عليها مع صاحب العمل، سواء كانت بنظام الدوام الجزئي أو الكلي.
العمل عن بعد ليس وليد اللحظة!
قد يعتقد البعض أن العمل عن بُعد وليد اللحظة، لكن هذا غير صحيح، حيث تعتمد مئات الشركات العالمية على نظام العمل عن بعد منذ وقت طويل، مثل: شركة تطوير الويب أوتوماتيك “Automattic” المسؤولة عن تطوير نظام إدارة المحتوى الشهير ووردبريس، التي تعتمد على نظام العمل عن بعد بشكل كامل منذ عام 2017. وشركة البرمجيات الرائدة “جيت هاب” التي يعمل أكثر من 60% من موظفيها عن بُعد خارج مقرها الرئيسي في مدينة سان فرانسيسكو.
لا تستثنى المنطقة العربية من ذلك هي الأخرى، إذ تعتمد العديد من الشركات العربية الرائدة على نظام العمل عن بعد، أحد أبرز الأمثلة على ذلك شركة “حسوب” التي يعمل جميع موظفيها البالغ عددهم نحو 50 موظفاً عن بعد من 10 مناطق جغرافية مختلفة. وتدير ثلاثة مواقع تخدم أصحاب المشاريع والعاملين عن بعد وهي: موقع مستقل الذي يُعد أكبر منصة للعمل الحر عربيًا، وموقع خمسات الذي يُعد أكبر سوق عربي لبيع الخدمات المصغرة وشرائها.
وموقع بعيد للتوظيف عن بعد لمساعدة الشركات وأصحاب المشاريع ممن يريدون اعتماد العمل عن بعد، سواء بشكل جزئي أو كامل عبر الإنترنت، لتوظيف أفضل الخبرات والكفاءات من أي مكان.
في الفترة الأخيرة أطلق موقع بعيد دليلًا للعمل عن بعد ليساعد الشركات وأصحاب المشاريع ممن يريدون التحول لنظام العمل عن بعد، ويشارك فيه خبرات حسوب وتجاربه في تأسيس فريق عمل عن بعد 100% وإدارته.
يمكنك كذلك التعرف على تفاصيل تجربة العمل عن بعد داخل الشركة من خلال الإطلاع على دليل حسوب للموظفين المبسط والمنشور للعلن، ستجد الروابط في وصف الفيديو.
ما هي فوائد العمل عن بعد؟
أ- بالنسبة للشركات:
- تخفيض التكاليف: يمكن للشركات توفير تكاليف استئجار مقرات العمل ونفقات التشغيل، مثل تكاليف تجهيز المكاتب وأجهزة الكمبيوتر والطابعات وغيرها. أضف إلى ذلك أنها ستوفر بدل المواصلات وبدل السكن.
- زيادة الإنتاجية: وفقًا لتقرير مؤسسة Fundera2، فإنّ ثلثي المديرين الذين يقدمون للموظفين فرصة العمل عن بعد أكدوا أنّ الموظفين الذين يعملون من المنزل أكثر إنتاجية بشكل عام، كما أن 54% من الموظفين يقولون إنهم يكونون أكثر إنتاجية عندما يعملون من خارج المكتب.
- خيارات أوسع للتوظيف: يتيح التوظيف عن بعد لأصحاب العمل الكثير من الفرص، فلن يكونوا محصورين في البحث عن الكفاءات والمواهب في المنطقة الجغرافية التي يقع فيها مقر الشركة، فيمكنهم توظيف أي شخص من أي مكان في العالم؛ لأنه عادة ما يكون هناك موظفون أكفاء في مدينة أو دولة أخرى لكنهم لا يرغبون في الانتقال للمدينة الموجود فيها مقر العمل.
ب- بالنسبة للموظفين:
يختار كثير من الأشخاص العمل عن بعد؛ لأنه يناسب طبيعتهم، ويحمل الكثير من الإيجابيات والفرص لهم مثل:
- المرونة في اختيار أوقات العمل وإدارة الوقت.
- التغلب على الروتين لسهولة اختيار المكان الذين يرغبون في العمل منه.
- الاقتراب أكثر من الحياة العائلية، وتحقيق التوازن بين مسؤوليات العمل والحياة الشخصية.
- استثمار الوقت الذي يمكن أن يُهدر بسبب صعوبات الوصول لمكان العمل في بعض الممارسات الجيدة، مثل الرياضة والقراءة.
نصائح للشركات لدعم الموظفين العاملين عن بعد:
-
التواصل المستمر مع الفريق:
ربما يتسبب العمل عن بعد في الشعور بالعزلة، لذلك لا تجعل أعضاء فريقك يشعرون بغيابك، وكن على اتصال مستمر بهم، ولا تتحدث معهم عن الواجبات اليومية فقط، بل استطرد في السؤال عن أحوالهم وحياتهم الاجتماعية. كما أن عقد اللقاءات الفردية مع المديرين، أو اللقاءات الجماعية المنتظمة عبر أدوات التواصل، وتنظيم الاجتماعات عبر الشبكة يسهم بشكل كبير في دعم الموظفين، وزيادة الثقة في بيئة العمل التي ينتمون إليها.
-
التواصل البشري بين أعضاء الفريق:
يُعد التواصل البشري في ثقافة العمل عن بعد أمرًا مهمًا للغاية، يمكن أن يتم توصيل الموظفين الجدد مع زميل آخر في بداية العمل بما يسمى “الشراكة الوظيفية”، حيث تُعد فرصةً للتعرف على شخص جديد، ويشارك كل منهم أهدافه وطريقة عمله لتنمية أنفسهم.
-
تقييم أداء الموظفين بشكل دوري:
يعد التقييم أمرًا حيويًا في المشاريع الناشئة كما هو الحال في الشركات الكبيرة؛ لأنه يساعد على التحسين والتطوير، فضًلًا عن معرفة نقاط الخلل والأخطاء. لذا، في حالة الاعتماد على نظام العمل عن بعد، لا بدّ من وضع مقاييس واضحة فيما يخص مهام العمل، بحيث تتناسب مع قدرات الموظف، وتلبي احتياجات الشركة بشكل عام. مع التأكد من فهم الموظف للمهام المكلف بها بدقة.
نصائح للأفراد الحديثي العمل عن بعد:
بالرغم من أهمية الدعم الذي تقدمه الشركة للموظفين، إلا أن الشخص الذي يعمل عن بعد لابدّ أن يدرك أنه يجب الاعتماد على الإدارة الذاتية بشكل كبير، لكن، سنقدم بعض النصائح التي ستفيدك بشكل كبير:
-
توفير طريقة مبسطة لتخطيط يومك:
يمكن أن تساعدك بعض الخطوات البسيطة على تنظيم يومك في العمل، مثل: تنفيذ جدول مهام في الليلة السابقة، وتحديد عدد جلسات محددة لأداء عملك حسب دوامك اليومي، وتحديد الفواصل لأداء المهام التي تسعدك، كالصلاة أو شرب القهوة، أو ممارسة الرياضة، أو التعرض للهواء الطبيعي، والبدء بمهمة صباحية خفيفة سهلة الإنجاز من أجل الشعور بالإيجابية نحو الذات.
-
تخصيص مكان للعمل داخل المنزل:
احرص على تخصيص مكان بعينه في المنزل لمكتبك، سواء كان حجرة مخصصة أو ركنًا في إحدى حجرات المنزل. وإذا شعرت بالملل وبضعف الإنتاجية فبإمكانك العمل من خارج المنزل، سواء في مقهى قريب يوفر خدمة الإنترنت، أو في مساحات العمل المشتركة التي انتشرت آخرا بشكل كبير، ووفرت حلًا رائعا للعاملين عن بعد.
-
تحديد ساعات العمل وأوقات الراحة:
من أهم مزايا العمل عن بعد هو المرونة في مواعيد العمل، لكن ذلك لا يعني أن تعمل طوال الوقت. لذا احرص على تحديد ساعات عملك والالتزام بها، واحرص على تحديد أوقات الراحة والإجازات الأسبوعية والالتزام بها بالقدر نفسه.
-
ممارسة الرياضة:
تُعد ممارسة الرياضة أمرًا ضروريًا لسلامة جسدك وعقلك على حدٍ سواء؛ لأنها تساهم في زيادة إنتاجيتك وتعزيز قدرتك على التفكير الإيجابي. لذا احرص دائمًا على ممارسة الرياضة ثلاث مرات أسبوعيًا على الأقل.
-
كافئ نفسك:
في بيئة العمل التقليدية عادة ما تعود التعليقات على عملك بسرعة وبشكل متكرر، حيث يمنحك المشرفون وزملاء العمل الآخرين الثناء على العمل الجيد الذي تم إجراؤه. لكن عند العمل من المنزل، فإن هذه العملية ليست فورية، لذلك، بعد الانتهاء من مشروع كبير أو عمل ما تسعد به بشكل خاص، امنح نفسك نوعًا من المكافأة، سواء كانت على هيئة استراحة قصيرة لتناول القهوة، أو وجبة خفيفة أو أي شيء آخر يعطيك الدافع.